الطفولة في شارع فيتولونيا، أول ركلات للكرة ، الحياء والخوف من الظلام، الحياة في أزقة روما التي ربما لم تعد موجودة الآن ، الأصدقاء الذين إستمروا طوال الحياة ، التمارين التي كانت الأم تصطحبه لها ،البداية في السيريا A بعمر 16 عام في ظهيرة بمارس 1993 ضد بيريشيا ، بالزي الرياضي والبنطال الذين طارا حين حانت اللحظة ، أول ديربي ، أول هدف ، الخوف من البيع لسامبدوريا قبل أن تبدأ أسطورته مع روما حتى.
وبعد ذلك المجد ، أكثر ندرةً من رسول في المدينة ، خمسة وعشرون عاماً بنفس القميص ، كابيتانو أبدي ، مع قائمة تشمل أسكوديتو تاريخي ، كأسين لإيطاليا وبطولتين سوبر ، ومعهم بالطبع بطولة العالم 2006 التي حققها كنجم مع المنتخب الإيطالي.
كذلك زواج الأحلام مع إيلاري بلازي ، الحياة الإجتماعية التي كانت دوماً تحت الأضواء، مع السخرية الاذعة والضحكة الممتنة لموهبة إستثنائية ولأجل القدرة على الإستمتاع بما يحبه، لعب الكرة، مع شعور بذهول لفتى إختارته مدينة كرمز وقائد مصحوباً بحب دون تفريق ، حتى يوم إعتزاله الكرة في يوم لم يتأثر فيه فقط جمهور روما ولكن كل الرياضيين الإيطاليين، فرانشيسكو توتي هو روما ولكنه أيضاً جزء من حياة كل شخص منا.
فرانشيسكو توتي ( روما 1976 ) ، بدأ مع كرة القدم في 28 مارس 1993 ، كابيتانو روما لعشرين عامًا ، ثاني أكبر الهدافين في تاريخ الدوري الإيطالي عبر التاريخ وحامل لقب الأكثر تهديفاً بقميص واحد.
تم تكريمه خمس مرات عبر رابطة الاعبين المُحترفين الإيطالية كأفضل لاعب إيطالي وهو رقم قياسي مُطلق ، في 2004 إختارته الفيفا ضمن قائمة أعظم 100 لاعب حي ، في 2018 كان أول لاعب إيطالي يفوز بجائزة لاوريس العالمية تكريماً لمسيرته.
باولو كوندو وُلد في تريستي 1958 ، صحفي مُحترف من 1981 مع مقال " الصغير " عبر صحيفة " لا جازيتا ديللو سبورت " ، غطى 7 مونديالات وخمس بطولات لأوروبا للأمم ، إثنين من الأوليمبياد الصيفي ، ثمانية جولات في إيطاليا وغيرها من الأحداث الرياضية ، في 2015 إنتقل لسكاي سبورت ، ومن 2010 وهو الإيطالي العضو في لجنة صحيفة فرانس فوتبول لإختيار صاحب الكرة الذهبية .
الفتى الجالس في الصف الثاني يبدو ثائراً جداً ، لا أعتقد أنه سمع حديث مُدير السجن ولا أعتقد أنه يُتابع حالياً ما أقوله ، ليس لأنه شيء لا يُنسى ولكني كُنت مستعد لذلك ، قفزات غير صبورة في مجلسه ، هو يعرف أن اللحظة الأكثر إنتظاراً لم تصل بعد ، الصورة ، بالطبع في ذلك الركن في صالون سجن ريبيبا بالعاصمة روما لا يزال مُعلق هذا الإعلان ، الفوز ببطولة كرة القدم يُتيح لك التصوير مع أي أحد ، هذا ما كان ينتظره ، حسناً ..
" أنا الأول أليس كذلك ؟ " ، يقولها ضاحكاً مُتحمساً ، الأول في ماذا ؟ لنُنهي الحديث ومن ثم نرى هكذا فكرت ، يقفز من جديد بعصبية ، لديه عشرين عاماً ، إثنين وعشرين كحد أقصى ، رأيته ، يرتدي بشكل أفضل نسبياً من البقية .
" أنا سأحصل على الصورة أولاً " ، يُكرر ولكن هذه المرة مُوجهاً الحديث لي مُشيراً بإبهامه للأعلى كما وأنني المسئول عن التنظيم ويجب أن أدرك هذا .
تسليم البطاقات ، المُصافحات ، النظرات التي تبدو كالنظرات الكلاسيكية للجماهير ولكنها أكثر حدة ، ليست أول مرة أزور فيها سجن ريبيبا ، رأيت أيضاً ريجينا كولي ، تجربة مُؤثرة ، من الخارج لا يُمكن أن تعرف ما هو السجن.
" ها أنا ، ها أنا ، الأول أنا " ، التحول بدأ نحو منطقة إلتقاط الصور حيث بعض الحرس الأمني بأخلاق طيبة يُحاولوا تنظيم التحرك تجاهه ، الطريق نحو الصور مع " صديقي " ، الاّن أشعر ببعض الفضول ، ما الفارق إن كنت ستحصل على الصورة الأولى أم العاشرة أو المئة ؟ سنُنهي مع الجميع ، لقد أخبرت الجميع بالفعل أنني لن أبُقي أحداً ، الفتى رغم ذلك يتحرك أسرع من البقية ، يتقدم في الصف ويتجاوز البعض دون عنف ولكن بتصميم ، والجميل أن زملائه تركوه يفعل ذلك ، لا يملك تكوين بدني مُخيف ولكنه رقيق الجسم ، ولكن البقية يُعاملونه بمزيج من الإحترام والمرح ، لا يزال يتجاوز مثل المُلاكم الذي يدرس الخصم.
" ها أنا ، الدور عندي . " ، قالها والمسافة بيننا تقريباً ثلاثة أمتار ، ولكن في الوسط كان هُناك سجينين أخرين يبتسموا له إبتسامه بدون أسنان قليلاً ، وهم من يدعوه يمر للمُقدمة ، ولكن من هو ؟ هل هو الزعيم ؟ بهذا السن الشاب ؟ قلت له بنبرة خشنة مُزيفة " حسناً قف هنا هذا يكفي ، إهدأ قليلاً. " ، إنزلق ليقف جانبي وأضع ذراعي على كتفه ، واحد ، إثنين ، ثلاثة ، كليك مع الإبهام لأعلي ، فخر جميل. لديه عينان الجماهير التي تشتعل بالحماس ، والسعادة فقط لأنه يرى إبتسامة الأخرين ، ولكني فضولي جداً ، لماذا يجب أن يكون الأول بشكل مُطلق ؟
" كابيتانو ، كان يجب أن أخرج ، منذ إسبوع إنتهت عقوبتي ، حصلت على تخفيض للعقوبة ، ولكن عندما عرفت أنك قادم قلت لنفسي " كم مرة ستحصل على فرصة التصوير مع الكابيتانو ؟ أبداً ولو في مئة عام ، لذلك طلبت الحديث مع مُدير السجن لكي أبقى حتى اليوم ، ولكن قواعد القانون لا تسمح بذلك فترجيته ، قلت له إن جعلتني أخرج سأذهب لإرتكاب أي جريمة وأعود لك هُنا فوراً وهو غير مُناسب لأي أحد منا ، لقد تفهم الأمر وبقيت رغم أني أعرف أن فتاتي المُراهقة تنتظرني في الخارج مُنذ ثلاث سنوات . " ، أتمنى أن صبر تلك الفتاة قاوم أيضاً الإسبوع الإضافي ، خصوصاً إن قام الفتى بقص شجاعته عليها ، سبع أيام في السجن فقط لأجل إلتقاط صورة معي.
قصة مُضحكة ، حتى أنا عندما أخرج لتناول العشاء مع أصدقائي ، بدايةً تنفتح الأعين ونستمتع كثيراً بعد ذلك ، ولكن بعد توديع الأصدقاء ، وفي اللحظة التي ينغلق فيها الباب خلف ظهري قبل الذهاب للنوم أحياناً أفكر ، ما الذي يجب فعله لأكون جديراً بهكذا حب مجنون ، حب مُطلق ، مُبالغ فيه بهذا الشكل ؟ أنا لم أطلب ذلك ولكن أيضاً لا يُمكن رفض المسئولية المُترتبه على ذلك ، لا لم أسأل ذلك لأني خجول ، ولكن في الملعب ليس كذلك لأن الملعب مثل الغابة ، إن لم تنمو أنيابك سريعاً لا تملك فرصة للنجاة ، وهذا الملعب قبل كل شيء هو صراع للبقاء .
أتحدث عن فرانشيسكو الوديع ، الطفل الذي يجلس في المنزل وحيداً بعدما خرجت أمه للسوق وتركته وحيداً نصف ساعة ، يتخبأ أسفل الغطاء من الخوف رافعاً صوت فيلم CHIPs ، رجلي الشرطة في السيارة بشوارع كاليفورنيا ، أول أصدقاء الطفولة ، كنت خجولاً مُنذ الطفولة ولازلت كذلك ، شعرت بالحرج أمام مظاهر الحب التي تجاوزت معي كل الحدود والتي كلفتني أحياناً أيضاً ، يحدث هذا حتى اليوم ، أدخل مع الفريق للملعب ، للمطار ، للفندق والكل يركض نحوي ، في تلك اللحظات أود أن أقع في حفرة وأختفي ، لم أعد ألعب ، الاّن النجوم هم غيري ، إذهبوا إليهم وحملوهم بالحب مثلما عملتوا معي لمُدة خمس وعشرين عاماً ، إذهبوا لدانييلي ، هو الاّن الكابيتانو الخاص بنا ، أحاول تعزية نفسي أحياناً أنني بهذا الشكل أرفع الضغط عن الاعبين لكي يبقوا هادئين بشكل أكبر ، وأن يحتفظوا بالطاقة النفسية للمُباراة ، ولكن هذا الأمر يحزنني ، يحزنني كثيراً .
لقد كان الأمر دوماً هكذا ، عملياً من اليوم الأول ، رومانو ورومانيستا ، يتم إعتباره أحد أفراد العائلة ، جميع الجماهير يُريدوا دعوتي لعمادة أبنائهم ، هذا ربما هو الفارق الحقيقي مع البقية ، الاعبين الأقوياء ، الأفضل في الفرق ، هم في النهاية رمز ومثال ، بوستر مُعلق في غرف النوم ، تلك أمور جميلة ولكن مُختلفة عن أن تكون فرداً من العائلة ، أنا أكثر من هذا ، الإبن والأخ ، أمر مدهش ولكنه ضغط أيضاً ، الرموز يأتوا ويرحلوا ، البوسترات يتم إزالتها ، ولكن الأبناء والأشقاء لا يخونوا أبداً ، أو على الأقل لا أحد يعتقد أن هذا سيحدث ، هذا الإحساس مُميز جداً ومُعقد جداً ، لقد جعلني أصبح للكثيرين رمز للرومانيستي ، أمر عظيم وشرف هائل ولكني أيضاً لم أطلب ذلك أبداً .
ذات مرة ، بعد الفوز بالأوسكار ، قررت مُشاهدة فيلم " الجمال العظيم " والذي كنت أعلم أنه مُعقد بعض الشيء ، التوقيت 60 ثانية ، ربما أقل وكنت في قلب الحدث ، لا أمزح وربما أقل ، ولم يُلاحظ أحد أو على الأقل لم يُخبرني أحد ولكنني لاحظت ذلك فوراً ، مشهد الإفتتاح في منطقة " Girata al Gianicolo " بجوار تمثال جاريابالدي وأول كلمات الفيلم هي " روما أو الموت " ، بعد ذلك توجهت الكاميرا تجاه الحدائق مع وجهين غريبين بين الأشجار ، تتوقف سيدة لم تعد شابة بالسيجارة في فمها ، تقرأ صحيفة ، وأنا أقرأها كذلك ، صحيفة لاجازيتا ، جيد ، عنوان الصحيفة المرئي هي " إنذار لأجل توتي " ، لقد صعقت ، تحت العنوان صورة لي وانا أتألم على الأرض ، أعتقد أن الموضوع كان عن إصابة لي تُنظر بغياب عن الملعب للمُباراة القادمة ، الفيلم الذي شاهده كل العالم بسبب حبه لهذه المدينة يُفتتح بإسمي .
روما هي الأم ، كلنا نعلم ذلك ، وأن تكون إبناً لها أمر مُشرف ولكنه أيضاً مرهق أحياناً ، الاّن نعود لنفس السؤال ، ما الذي يجب أن نفعله لكي نستحق حب بهذا القدر وهذا الشغف ؟
التعديل الأخير تم بواسطة IL CAPITANO ; 30-09-2018 الساعة 03:28 PM
يُشير إبن عمي أنجيلو بإشارات غير صبورة : " هيا ، هيا ! " يهمس ولكن بوجه غاضب وكأنه يصرخ ، أنا مشلول بشكل كامل ، خجل كبير يجعلني أود أن أُدفن في مكاني .
المُذيع الداخلي يُعلن إسم لتسلم جائزة هداف البطولة ، أمسية صيفية جميلة وكامل مقصورة ملعب فورتيتيدو تقف للتصفيف ، حوالي مئتين شخص وأنا عمري ستة أعوام فقط .
" توتي ، فرانشيسكو ؟ " ، توقف قليل من المُدير : " ولكن أين ذهب فرانشيسكو . " .
أنجيلو يُصفق بيده أمام وجهي كأنه يقول لي هيا إستيقظ ، الدور عليك ، قمت بالرد عليه بوجه غاضب ، الأمر سهل له ، صديق الطفولة الأقرب لي ، إبن شقيق أمي ، كان دوماً ما يملك الوجه القوي خصوصاً مع الكبار ، ليس فقط بسبب العشر شهور فارق في السن بيننا .
" فرانشيسكو " ، في النهاية المُدير شاهدني ويُنادي بصوت عالي وهو يمد ذراعيه " تعال ، تعال ! " ، يبدو لي أن الكل يُعيد الحديث معي مرتين كما لو أني أعاني من بطء في الفهم ولكن في الواقع أنا فقط خجول ، خجول جداً ، أستجمع قواي ، نفس عميق وأصعد على السلم لوصول لقمة المقصورة حيث سيتم تسليم الجوائز ، ألعب مُنذ عام في بطولة الفورتيتودو ، ملعب أسفل منزلي في قلب المنطقة ، كل أطفال بورتا ميترونيا يُشاركوا ، وهكذا كل صيف يتم تنظيم بطولة ، إثني عشر فريقاً مع ثمانية لاعبين لكل فريق ، نحن فريق بوتافوجو وهزمنا فلامينجو في النهائي ، الكابيتانو لاعب أخر وبالتالي اليوم جئت وأنا هاديء لأني أعرف أن لاعب أخر سيرفع الكأس ، لم أعرف بالطبع موضوع الجوائز الفردية ، المُنظم يُهديني درع تكريمي ، في مكان ما هُنا يوجد أمي وابي وكذلك بالطبع أنجيلو زميلي في الفريق والذي يبتسم برضا مُتصوراً أني قد تغلبت على حيائي ، في الواقع لازلت أريد أن أُدفن حياً ولكن فور توجه مئتان زوجاً من العيون لي لم يكن بإستطاعتي مُراوغة أحد ، فكرت أنه سيكون من الائق أن أشكر الجميع ولكن فكرة أن أتحدث في الميكروفون أمام هذا الجمع لم تكن محل إعتبار من الأساس ، أنظاري توجهت نحو الأرض وفور شعوري أن قبضة مُدير البطولة قد إرتخت من فوق قبضتي إنسحبت فوراً مُعتمداً على أن الحضور سيُركز مع التكريم ، عُدت للملعب وإحتضنت زملائي مُحتمياً بهم ، البعض كان يُريد رُؤية الدرع ، جلست في مُنتصف المجموعة ، إنطلقت الصافرة مُعلنة إنطلاق الميكروفون من جديد تمهيداً لتكريم جديد ، صوت المُدير يدوي من جديد مُعلناً الأخبار : " أفضل لاعب في البطولة : توتي ، فرانشيسكو ! " ، يا إلهي لا .
خجول بالطبع ، صامت ، أخذت وقت طويل للحديث بشكل صحيح ، تقريباً خمس سنوات ، كنت ألاقي صعوبة في تشكيل المقاطع ، أمي جلبت لي أخصائي تخاطب لفهم ما إذا كان هُناك مُشكلة خطيرة في الحنجرة : " لا تقلقي " قام بطمئنة أمي بعدما قام بالإختبارات المُختلفة : " فرانشيسكو عليه فقط أن ينطلق ، مثل السيارة مع فرامل اليد يجب فقط أن تسحبها ، يجب أن ينطلق . " ، لديه حق ، مثل كل الأطفال فور ما تنطلق لا يوجد تفكير بعد ذلك .
أعتقد أن التأخير في التعبير عن نفسي ربما يعود بسبب الحزن على الجد كوستانتي ، والد أمي ، بعد بتر قدمه جاء ليعيش معنا ولم تكن حالته جيدة ، عمل طوال حياته في صيانة الثلاجات ، التقلب الدائم ما بين السخونة والبرودة أصابه بالغرغرينا ، كان يعيش معي في نفس الغرفة ، وكل مساء أتظاهر بأنني قد إستغرقت في النوم ولكني في الواقع كنت أتابع مجهودات أمي أثناء خلع الطرف الصناعي من قدم جدي المبتورة ، في نظري وقتها كنت أراها تخلع قدمه وكان هذا شيئاً يُفزعني للغاية ، في ليلة وبعدما تأكدت من إستغراقه في النوم نهضت بكل هدوء وذهب للمس الطرف الصناعي ، إكتشفت يومها أنه مصنوع من الخشب ، وبأقصى سرعة عدت إلى فراشي مُحاولاً النوم ورأسي تحت الغطاء ، في مرحلة مُتقدمة بعد ذلك حين ذهبت للمدرسة سائت حالة جدي أكثر ، طلبت أمي من أحد أقاربنا ، السيدة تشيبا أن تقوم بتمريض جدي لبعض الوقت ، أبي جلب كرسي يُقلب لسرير ووضعه في المنزل ، أنا أذهب للمدرسة يومياً مع فلافيا وروبيرتا بنات السيدة ، حين يكون في حالة جيدة وحين يفقتدها جدي كوستانتي تقوم أمي بوضع أشيائه ، كان يُريني بطاقة عضوية نادي روما بفخر كبير.
تعودت على الجلوس في المنزل وحيداً ، وأنا كنت جباناً بعض الشيء ، يحدث هذا في الصباح لأن أبي يذهب للبنك للعمل ، أخي ريكاردو الذي يكبرني بست سنوات يذهب للمدرسة ، وأمي يجب أن تذهب للتسوق ، يستيقظ الجميع ويخرج وأنا لازلت في فراشي ، وبعد دقيقتين من سماع صوت الباب يُغلق وخطواتهم على السلم يبدأ الخوف ، كنت أملك شعور وجود أصوات غريبة ، أصوات في الغرف ، أصوات مكتومة تسقط على الأرض ربما تكون معدنية ، أتخبأ وقتها تحت الغطاء كأنني جثة هامدة ، كنت أعتقد أن اللص - وبالتأكيد هُناك لص - سيقوم بفحص الغرفة ويقف مصدوماً وحزيناً من وجود طفل ميت ثم يرحل ، كانت إستراتجية كئيبة ولكنها فعالة لأن لم يدخل أحد للغرفة للتفتيش أبداً أو على الأقل لم يرفع أحد الغطاء .
أكثر من ذلك ، عندما أقتنع أنني نجوت مرة أخرى أذهب للتلفزيون ، أبي كان قد إشترى جهاز أخر أصغر من الموجود في غرفة المعيشة ووضعه في الغرفة ، أبحث عن مسلسل CHIPs الذي كان مسلسلي المُفضل وأرفع الصوت لأقصى حد لكي لا أسمع أي أصوات مُريبة ، بعد دقائق أسمع صوت أمي تلهث وتصرخ عليّ بعدما لم أسمع صوت وصولها : " هل أنت مجنون ؟ هل أصبحت أصم ؟ . " ، أتصنع وجه مُتجهم قليلاً ولكني في الحقيقة سعيداً لأني تجاوزت إختبار جديد للوحدة ولأنها فوق كل شيء قد عادت ، بيننا الخوف لم يذهب أبداً من كل شيء ، حتى اليوم في منزلي في حال ضرب جرس الإنذار في ليلة ما أكمل نومي وأترك إيلاري تنهض للتحقق من الموضوع.
هذه السنوات كان الشارع عامل جذب كبير ، لأن الجميع في المنطقة كانوا يعروفوا بعضهم البعض ، كل الأمهات كانت تشعر بالأمان وتترك الأطفال يخرجوا ، دست من العيون كانت تراقب جميع الأطفال في الشارع ، في شارع فيتولونيا على سبيل المثال كان هُناك أصحاب المتاجر ، في حال لم يكن هُنالك زبائن لم يجلسوا خلف الكاشير كما يحدث الاّن ولكن يجلسوا على أبواب المحلات ، يتجاذبوا أطراف الحديث مع بعضهم البعض ، مع المارة أو حتى معنا نحن الأطفال ، كل أبنائهم كانوا أصدقائي ، كان هُناك أنتونيو الذي كُنا نلقبه بالميت لأنه كان دوماً شاحباً ، كان هُناك بامبينو ، الثنائي جيانكارلو ، بانتانو وكيشاتشي ، وبعد ذلك ماركو وسونيا ابناء النادل ، بجانب بالطبق الذي لا يُفارقني إبن عمي أنجيلو ، عصابة حقيقة ولكن من أطفال جيدين ، لم نفعل شيئاً سيئاً أبداً ، إمممم تقريباً أبداً ! .
ذات مرة ، كُنت في الثانية عشر من عمري ، أنجيلو ، بامبينو وأنا كُنا في الشارع بدون كرة ، رأينا من خلال سور المدرسة أخوين يلعبوا ، لم يكونوا عضو دائم في الصُحبة لأننا كُنا نراهم فقط من حين لأخر ، كانا يملكا أبوين يُلحا عليهم كثيراً لأجل الدراسة ، ولكن كُنا نعرفهم وكُنا سنلعب معهم دون مشاكل ، كان ينقصنا واحد فقط لنلعب مُباراة ثلاثة ضد ثلاثة ولكن هذا لم يحدث ، الأطفال قالوا لنا : " الكرة لنا وأنتم لن تلعبوا معنا. ! " ، إلخ إلخ إلخ ، بعد ذلك قمنا بالإلحاح أكثر وهم يزدادوا عنداً بينما يتبادلوا الكرة بحرص فيما بينهم لتبقى بعيدة عن مُتناول أيدينا ، إبتعدت عنهم ، الفتى الأسرع غضباً هو الذي في بعض المواقف من يأخذ زمام المُبادرة ، قمت بأخد سلسلة تُستخدم في ربط الدراجة في القائم وبدأت أربطها على بوابة المدرسة ، الثنائي كان عنيداً فعلاً ولم يُريدا الإستسلام بهدوء ، في النهاية بدأت التدافع والمُشاكسة ، لم يكن هُناك تكافيء ، في هذا السن لم يكن يهم الحجم ولكن يهم كم من الوقت قضيت في الشارع ، الأخوان هربا تاركين الكُرة في حوزتنا ، بدأن نلعب سعيداً أننا فُزنا بالمعركة ، وبدأنا ننسى المُشاجرة ، بالنسبة لنا كان حُزنا كبيراً غروب الشمس ، وعند العودة للمنزل وجدنا أمهاتنا أمام المدخل يشتعلوا غضباً ، لم نراهم هكذا من قبل ، لقد عادوا لتوهم من قسم شرطة شارع سيليسيا ، والدي الأخوين قاموا بتقديم بلاغ للشرطة لإعتداء وسرقة الكرة من أطفالهم ، والمُحققين قاموا بإستدعاء أمهاتنا للرد على الإستجواب قبل توجيه التهم ، ضمن إتفاق التسوية بخلاف ثمن الكرة ، كان هُناك بالطبع وعد من أمهاتنا بعقاب رهيب لأطفالهم ، ولعدة أيام كان علينا أن ننسى فكرة الخروج بعد الظهر للتجول في المنطقة ، ولم ينتهي الأمر هُنا ، اليوم التالي كان ينتظرنا المزيد في المدرسة ، كنت في الفصل وسمعنا صوت النقر على الباب ، إنها الأستاذة باراكالو ، أمرأة كبيرة تُدرس المُوسيقى ، تعتذر من المُدرس وتنظر لي بلطافة مشبوهة : " فرانشيسكو ، هل يُمكن أن تخرج قليلاً من فضلك ؟ " ، لم يكن بمقدوري عدم الذهاب حتى وإن شممت رائحة ما هو قادم ، وفور ما خرجت وبسرعة البرق ، أمسك بصابعين من يديها أذني وفي اليد الأخرى وجدت أنجيلو بنفس الطريقة وهي لا تُبالي بإحتجاجاته ، هكذا ، تجرنا حرفياً من أذننا وتجول بنا جولة كاملة داخل المبنى دون أن تقول لنا ما هي الخطة ، بينما في هذه الأثناء ياتي وقت الفسحة ويخرج كل الفتيان من الصالات ، يرونا ويضحكوا ، ربما هُنالك ايضاً الأخوين في وسط خذخ القهقهة ، عار كامل .
التعديل الأخير تم بواسطة IL CAPITANO ; 19-11-2018 الساعة 06:27 PM